vendredi 12 août 2011

الاجحاف في ترسيم حدود العراق مع الكويت

الاجحاف في ترسيم حدود العراق مع الكويت

 
وجدي أنور مردان

دبلوماسي عراقي سابق

 
نشر السيد محمد الرميحي في جريدة الشرق الاوسط بتاريخ 30 تموز يوليو 2011، مقالا بعنوان "الكويت والعراق الشيطان في التفاصيل" سعدنا جدا لسماع صوت العقل والحكمة من شقيقنا الكويتي، ونادرا ما نسمع مثلها في الجعجعة والصخب التي تلف منطقتنا في هذه الايام البائسة. في هذا المقال نود ان نوضح بعض الحقائق ليطلع عليها المنصفون وبنفس منهجية السيد محمد الرميحي


بعد أجتياح العراق للكويت في 2 آب 1990 والعدوان العسكري الثلاثيني على العراق عام 1991، أعتمد مجلس الامن القرار المرقم 687 (1991)، الذي يعد أقسى قرار يصدر بحق دولة عضو في المنظمة الدولية. أن ما يهمنا من هذا القرار لأغراض هذا المقال، هو القسم (ألف) منه و الذي نص على أجراءات ترسيم الحدود الدولية بين العراق والكويت

 
فبعد أن أشار القرار في ديباجته الى الحدود المبينة في رسالة رئيس وزراء العراق المؤرخة في 21 تموز/يوليو 1932 والتي وافق عليها حاكم الكويت في رسالته المؤرخة في 10 آب/أغسطس 1932، نص في فقراته العاملة على مايلي


2- يطالب بأن يحترم العراق والكويت حرمة الحدود الدولية وتخصيص الجزر، على النحو المحدد في "المحضر المتفق عليه بين دولة الكويت والجمهورية العراقية بشان استعادة العلاقات الودية والاعتراف والأمور ذات العلاقة"، الذي وقعاه، ممارسة منهما لسيادتهما، في بغداد في 4 تشرين الأول/أكتوبر 1963؛ وسجل لدى الأمم المتحدة؛


3- يطلب إلى الأمين العام أن يساعد في اتخاذ الترتيبات اللازمة مع العراق والكويت لتخطيط الحدود بين العراق والكويت، مستعينا بالمواد المناسبة، بما فيها الخرائط المرفقة بالرسالة المؤرخة 28 آذار/مارس 1991 الموجهة إليه من الممثل الدائم للمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وايرلندا الشمالية لدى الأمم المتحدة، وأن يقدم إلى مجلس الأمن تقريرا عن ذلك في غضون شهر واحد؛

4- يقرر أن يضمن حرمة الحدود الدولية المذكور أعلاه وأن يتخذ جميع التدابير اللازمة حسب الاقتضاء لتحقيق هذه الغاية وفقا لميثاق الأمم المتحدة؛

وفيما يلي مقتطفات من موقف العراق بشأن هذه المسألة الحيوية، قدمه الى الامين العام للامم المتحدة خلال الجولة الاولى من الحوار الذي جرى بين وفد العراق والامين العام للامم المتحدة للفترة 26-27 شبط، فبراير 2001 (كان لكاتب المقال شرف المساهمة فيها). نضعه أمام العراقيين والكويتيين الشرفاء للاطلاع على مدى الاجحاف والظلم الذي الحقته الامم المتحدة بالعراق وشعبه، في سلسلة لم تنقطع من المظالم والاجحافات،. أن حقوق العراق التاريخية في أرضه و مياهه الاقليمية حق ثابت لشعب العراق لايمكن لمجلس الامن أو أية قوة، مهما تعددت اوصافها أو مسمياتها، ان تتلاعب به اوتتصرف فيه. لأن حق الارض غير قابل للتصرف وأن الحاق الضرر بالعراق بهذا الشكل المجحف ليس من مصلحة الكويت وشعبه الشقيق ولا يساهم في تعزيز الامن و الاستقرار في المنطقة، وأنما قنبلة موقوته قد يفجرها المتربصون والحاقدون متى ما شاؤوا. أننا بهذا لانريد نكأ الجراح وانما ندعوا الى العودة الى العقل والمنطق ونطلب من المسؤولين في كلا الطرفين ان يضعوا المصلحة الوطنية العراقية والكويتية في حساباتهم انطلاقا من روابط الاخوة والجوار والامن المتبادل وأن يعيدوا الحق الى أهله، لكي يكون اساسا متينا للعلاقات العراقية والكويتية وطي آثار الماضي

 
لقد تعامل مجلس الأمن مع مسألة الحدود بموجب الفصل السابع من الميثاق مسجلاً بذلك سابقة غير معروفة حتى الآن. ولهذا السبب، صوتت كوبا ضد القرار 687 (1991) فيما امتنعت الاكوادور واليمن عن التصويت

 
ومما ينبغي استذكاره في البداية ان مجلس الأمن كان قد طالب العراق والكويت في القرار660 (1990) "بالبدء فوراً باجراء مفاوضات مكثفة لحل خلافاتهما"، التي من بينها يعد حل المسألة الحدودية الاكثر أهمية. وبموجب الاحكام المذكورة آنفا، اعتمد مجلس الأمن اجراء مغايراً تماماً ألحق بموجبه اجحافا كبيرا بالعراق. عندما حشر نفسه من غير سابقة في مسألة الحدود بين العراق والكويت من خلال القسم (أ) من القرار 687 لا من خلال فرض "صيغة التحديد" فقط وانما ايضاَ بفرض "اسس" و "اسلوب" رسم الحدود


وبالنسبة لاسس رسم الحدود، فرض مجلس الأمن مصادر لذلك من خلال استخدام تعبير "مادة مناسبة" مدرجاً ضمنها خارطة بريطانية مرسومة في عام 1989-1990 من قبل مدير عام المساحة العسكرية في المملكة المتحدة وقد تم تداولها كوثيقة من وثائق مجلس الأمن بناءً على طلب الممثل الدائم للمملكة المتحدة لدى الامم المتحدة في رسالته المؤرخة 28/آذار/1991، أي بعبارة أخرى قبل خمسة ايام من اعتماد القرار 687 (1991

وفي ما يتعلق "باسلوب" ترسيم الحدود دعا مجلس الأمن الامين العام للأمم المتحدة في الفقرة 3 من القرار 687 (1991)" الى "تقديم مساعدته في اجراء التدابير مع العراق والكويت لترسيم الحدود بينهما" طبقاً لاسس ترسيم الحدود التي فرضها، وتقديم تقرير الى مجلس الأمن بذلك في غضون شهر واحد

 
قدم المستشار القانوني للامم المتحدة مشروع التقرير الذي اعده الأمين العام للأمم المتحدة الى الممثل العراق الدائم لدى الامم المتحدة في نيويورك في 17/نيسان/1991. وقد قدم العراق من جانبه، ملاحظاته على هذا المشروع في الرسالة التي بعث بها بتاريخ 23/نيسان/ وزير خارجية العراق الاسبق الى الامين العام للامم المتحدة (الوثيقة أس/22558 (1991


يمكن ايجاز ملاحظات العراق التي ثبتت في الرسالة المشار اليها، على النحو الآتي:

-عدم توفر أي اساس قانوني لاعتبار مجلس الأمن الخارطة المشار اليها في القرار 687 اساساً لترسيم الحدود بسبب عدم اشراك العراق في رسمها وعدم اعترافه او اقراره بها بأي شكل من الأشكال. وعليه فأن ادراج مجلس الأمن هذه الخارطة في المادة المناسبة لاغراض ترسيم الحدود كان يعني حكماً جرى تصوره سلفاً بشأن مسار خط الحدود على الأرض وقبل المباشرة بعملية الترسيم

 
- اقترح الامين العام للأمم المتحدة ان تتألف لجنة ترسيم الحدود من خمسة اعضاء، منهم اثنان يمثلان العراق والكويت وثلاثة خبراء مستقلين يختارهم الامين العام للامم المتحدة الذي يعين احدهم رئيساً للجنة، وان تتخذ قرارات اللجنة على اساس اصوات الاغلبية وان تكون هذه القرارات نهائية، وان تكون اللجنة مسؤولة امام الامين العام. وقد لاحظ العراق ان تلك المقترحات لا توفر التوازن التام بين الاراء التي قد تعتمد من قبل كل طرف من الاطراف خلال عملية الترسيم، وانه طالما لا يكون له أي دور في اختيار الخبراء فانه لن يكون قادراً على التأكيد مسبقاً على حقيقة استقلالهما. ومن هنا فان رأيه في سياق عملية الترسيم سيمثل من قبل عضو واحد فقط من أصل خمسة أعضاء

 
- أضافة الى ما نص عليه القرار 687 (1991) بشأن الاساس الذي تعتمد عليه عملية ترسيم الحدود، قدم الامين العام للامم المتحدة اسساً أخرى تم التعبير عنها بطريقة غامضة وغير مقررة من قبل اللجنة، مثل أن تستفيد من "التكنولوجيا المناسبة" و "ستتخذ التدابير الضرورية لتحديد وفحص المادة المناسبة ذات الصلة بعملية ترسيم الحدود"


الحدود البرية

في ما يتعلق بالحدود البرية اعتمدت اللجنة اثناء جلستها الثانية التي عقدت في جنيف للفترة من 2-12/تموز/1991 عدداً من القرارات الحاسمة منها قرارات جوهرية واخرى فنية والتي حسمت من خلالها الأسس الجوهرية لمسار الحدود البرية. وكان احد القرارات الجوهرية الأكثر أهمية التي اتخذتها اللجنة ذلك القرار المتعلق بإنشاء منعطف في صفوان وهي نقطة تسيطر على مجمل مسار الحدود في الشمال وفي الاتجاه نحو الشرق


وبعد اعتماد اللجنة لقراراتها في ما يتعلق بالمسائل الجوهرية لترسيم الحدود البرية والمعيار الفني لعملية الترسيم والإجراءات الفنية التي ستنفذ في الميدان، واصل الخبراء تنفيذ تلك القرارات التي كان من بينها التحقيق بشأن نقطة انعطاف مسار الحدود في صفوان. لقد قام الخبيران المحايدان بتحري الموقع بطريقة تتعارض صراحة مع جوهر قرار اللجنة المؤرخ 11 تموز/1991 الذي طالب الخبراء بأجراء تحقيقات وجمع المعلومات الضرورية لتمكين اللجنة من اتخاذ قرارها الدقيق بشأن الحدود الشمالية. وقد ظهر أثناء الجلسة الخامسة للجنة ان ممثل الكويت وخبراءه رافقوا الخبراء المحايدين في تحقيقاتهم في منطقة صفوان بخلاف قرار اللجنة، وان هؤلاء الخبراء قد اعتمدوا على رأي الخبراء الكويتيين في تقرير وضع نقطة الانعطاف إضافة الى المصادر البريطانية


وهكذا، فقد شارك ممثلو السلطات الكويتية، على الرغم من حقيقة انهم يمثلون طرفاً له مصلحة مباشرة في هذه المسألة، في عمل ميداني كلف الخبراء بتنفيذه فقط، علما بان قرار اللجنة لم يخول أي شخص بالسير على وفق هذه الخطوط
وهكذا توصلت لجنة ترسيم الحدود الى قراراتها النهائية بشأن الحدود البرية في جلستها الخامسة المنعقدة في نيويورك للفترة من 8-16/نيسان/1992، اعتمادا على خرائط بريطانية رسمت عام 1991 ومشاركة ممثل الكويت في عمل ميداني مع الخبراء، واستبعاد ممثل العراق، الامر الذي شكل تناقضا مع مبدأ حسن النية

 
الحدود البحرية

 
أما بالنسبة لترسيم الحدود البحرية فقد ناقشت اللجنة هذه المسألة في جلستها الثالثة المنعقدة في جنيف للفترة من 12-17آب/1991. وخلال النقاش عبر رئيس اللجنة السيد مختار كوسوما أتماجا (اندونيسيا) عن وجهة نظره بأنه وفي ضوء طبيعة ومدى تفويض اللجنة فانه سيكون من الصعب التعامل مع ترسيم الحدود البحرية. وكان هذا يُعزوا الى ان التفويض المذكور لم يخول اللجنة التعامل مع مسار الحدود في ما وراء نقطة ارتباط خور الزبير مع خور عبد الله (أي بعبارة أخرى، ما وراء تلك النقطة حتى البحر) ما لم توافق الأطراف على غير ذلك وان اللجنة لم يكن بمقدورها توسيع حدود تفويضها على مسؤوليتها الخاصة. وقد عبر الخبيران المحايدان عن تفهمهما لرئيس اللجنة. (لمزيد من التفاصيل، أنظر محاضر عمل اللجنة في الوثائق (IKBDC Mln 19,40,49)

وخلال الجلسة الرابعة للجنة المنعقدة في نيويورك للفترة من 7-16/تشرين الأول/1991، طلب ممثل الكويت منحه الفرصة للإدلاء بتصريح بشأن القسم البحري من الحدود خلال الجلسة القادمة للجنة. وقد قررت اللجنة تأييد الطلب على أساس قواعده الإجرائية. وعندما ادلى ممثل الكويت بتصريحه خلال الجلسة الخامسة للجنة المنعقدة في نيويورك للفترة من 8-16/نيسان/1992 ناقش تفويض اللجنة وخلص الى القول بأن هذا التفويض يشتمل على ترسيم الحدود البحرية. وبدلاً من الإعلان عن اختتام عمل اللجنة حول هذه المسألة بالموقف الذي اعتمده رئيسها والخبيران المحايدان خلال الجلسة الثالثة للجنة والمشار اليه آنفاً اختار رئيس اللجنة الصمت


وخلال الجلسة السادسة لعمل اللجنة المنعقدة في نيويورك للفترة من 15-24/تموز/1992، أدرجت السكرتارية مجدداً في مشروع جدول الاعمال فقرة حول مناقشة مسألة القسم البحري من الحدود. وقد دار نقاش ساخن حول هذه المسألة خلال الجلسة بين ممثل الكويت ومستشاريه من جهة ورئيس اللجنة من جهة أخرى. وكان سبب ذلك هو الضغط الكويتي على رئيس اللجنة والخبيرين المحايدين بغية حملهم على تبني موقف الكويت في ما يخص ترسيم الحدود البحرية. وفي الحقيقة، لم يتردد رئيس اللجنة في الكشف عن حقائق ساطعة حول اعمال الضغط على عمل اللجنة والتدخل فيه التي لجأ الى ممارستها مساعد المستشار القانوني لسكرتارية الامم المتحدة. (لمزيد من التفاصيل انظر الوثيقة IKBDC/Mln.51.PP 1-11

 
اصدرت اللجنة بياناً صحفياً يوم 24/تموز/1992 لوحظ فيه ان النتيجة النهائية للجلسة السادسة هي "اجراء مزيد من التحري في القسم الخاص بخور عبد الله ومناقشته في جلسة أخرى تعقد لهذا الغرض في تشرين الاول". ومما تجدر ملاحظته ان البيان الصحفي تضمن توضيحات تبين بأن قرارات اللجنة المتعلقة بترسيم الحدود البرية لم تقتطع ام قصر وحقول نفط واراضي من العراق. كما اوضحت وللمرة الاولى "ان لجنة الحدود ليست بصدد اعادة توزيع الاراضي بين الكويت والعراق وانما هي تضطلع ببساطة بمهمة فنية ضرورية لترسيم الاحداثيات المضبوطة للحدود الدولية بين الكويت والعراق للمرة الاولى"


بتاريخ12، آب، أغسطس 1992 وجهة الامين العام للامم المتحدة رسالة الى رئيس مجلس الأمن ارفق بها "التقرير الآخير" للجنة الذي انجزته خلال جلستها السادسة.وفي ما يتعلق بالحدود البحرية اوضحت الرسالة: "بقدر تعلق الامر بالحدود القريبة من الساحل فان المجلس قد يرغب في تشجيع اللجنة على ترسيم ذلك الجزء من الحدود بأسرع وقت ممكن لتستكمل بذلك عملها". وقد وردت هذه الاشارة رغم حقيقة ان السكرتارية كانت تعلم تماماً بان اللجنة لم تكن قد قررت بعد في حينه، وعلى اساس تفويضها ما اذا كانت مخولة بترسيم الحدود البحرية، وعلى الرغم من حقيقة ان موقف رئيس اللجنة كان واضحاً بالنسبة للامين العام… وهوتقديم استقالته في حالة فرض مسألة ترسيم الحدود البحرية على اللجنة. وفي ضوء رسالة الامين العام للامم المتحدة، بصرف النظر عن وجهات النظر والاراء المغايرة في اللجنة ورئيسها، تصرف مجلس الأمن بسرعة في اعتماد القرار 833 (1992) الذي رحبت الفقرة 3 منه بـ "بعمل اللجنة على الجزء البري من الحدود وكذلك في خور عبدالله أو القطاع البحري من الحدود " وحث الامين العام في فقرة الاخيرة من ديباجة القرار، اللجنة " اتخاذ الترتيبات اللازمة لصيانة التعيين المادي لحدود ووضع ترتيبات تقنية اخرى بين العراق والكويت لهذا الغرض أي لترسيم هذا الجزء من الحدود باسرع وقت ممكن لتستكمل بذلك عملها" ولم تنجز اللجنة عملها. خلافاً للتفويض الممنوح لها كما حدده مجلس الأمن نفسه في القرار 687 (1991)
الامر الذي حدا برئيس اللجنة السيد مختار كوسوما الى الاستقالة من رئاسة اللجنة في رسالته الموجهة الى الامين العام للامم المتحدة في 4/تشرين الثاني/1992 ورسالته المفصلة المؤرخة 6/تشرين الثاني/1992 الموجهة الى المستشار القانوني للامم المتحدة. وقد اشارالسيد مختار الى أن الاستقالة كانت لسببين اولهما "شخصي" اما الثاني فهو، بحسب ما جاء في نص الرسالة، (لقد تكونت لديّ منذ بعض الوقت تحفظات بشأن شروط الرجوع الى اللجنة". وقد اثرت في مناسبات عدة مع المستشار القانوني، بعض النواحي الخاصة بشروط الرجوع الى اللجنة وكيف انه جلب الانتباه الى أن "الحدود في القسم البحري (خور عبد الله) لم يشر اليها بدقة في وصف الحدود كما تضمنه تبادل الرسائل لعام 1932، ولذلك فأن تعيين الحدود كان غير متاح للجنة والتي يمكن ان تتم على أساسه عملية ترسيم هذا الجزء من الحدود". كما كشف السيد مختار كيف ان المستشار القانوني أوضح له في نيسان 1992 ان "أي تغيير في تفويض اللجنة من جانب مجلس الأمن هو خارج حدود هذه المسألة ونظراً لادراكي انه من الصعب بالنسبة لي تغيير الشروط الحالية للرجوع الى اللجنة، ولاسباب أخرى شخصية لم يعد لي أي خيار آخر غير تقديم استقالتي)

وبعد استقالة رئيس اللجنة عين السيد نيكولاس فالتيكوس (اليونان) رئيساً لها، ففي الجلسة السادسة للجنة في جنيف للفترة من 14-16/كانون الثاني/1992، اتخذت اللجنة خلالها قراراً سريعاً يفيد، بان المبدأ الجوهري الذي يحكم عملية ترسيم الحدود في خور عبد الله ينبغي ان يكون الخط المار في الوسط مما يفهم منه أن هدف وغرض تسوية الحدود هو تسهيل مرور الملاحة لكلا الطرفين

ان التدخل في عمل اللجنة والضغوط غير القانونية التي مورست عليها قد ادى الى نتيجة تثير عدداً من التساؤلات القانونية، التي يمكن إيجازها بالآتي

1- ان صيغة تعيين الحدود التي اعتمدها مجلس الأمن كأساس لترسيم الحدود في القرار 687 (1991)، والتي تم التوسع فيها في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الذي قدمه طبقاً للفقرة 3 من القرار المذكور، لا تتضمن اية اشارة لوصف الحدود في خور عبد الله. وعلى هذا الاساس فأنه من المستحيل الاعتماد على تلك الصيغة في اية عملية ترسيم للحدود من النوع الذي قامت به اللجنة لأن الترسيم ينبغي ان يعتمد على وصف للحدود، أي بعبارة أخرى تعيين للحدود متفق عليه من جانب الأطراف المعنية.

2- ان منطقة خور عبد الله لا يمكن ان تكون من نفس طبيعة المياه البحرية الإقليمية على أساس عملية تعيين الحدود التي اقرها القرار 687 (1991) بغية التمكين من تطبيق قواعد قانون البحار في تقسيم المناطق البحرية بين الدول التي تمتلك سواحل متقابلة أو متجاور

3- ان العراق يمتلك حقوقاً تاريخية في منطقة خور عبد الله التي لم تمارس فيها الكويت عمليات ملاحية ذات معنى، وعليه فأن المنطقة، كما جرى التنويه عنها في الفقرة 3 آنفاً، تقع خارج اطار تطبيق قاعدة الخط المار في الوسط طبقاً لأتفاقية قانون البحار لعام 1982. لقد انفق العراق على مدى عقود من الزمن ملايين الدولارات على عمليات كري وتوسيع وصيانة طرق الملاحة والقنوات الرئيسية والثانوية التي تؤدي الى خور عبد الله وتمر من خلاله، واقامة الموانيء والمراسي في المنطقة من اجل ضمان تدفق تجارته في البحر. ان فرض الحدود في خور عبد الله بالطريقة التي مارستها اللجنة قد شكل انكاراً خطيراً لحق العراق التاريخي في التمتع بمنفذ حر الى البحر من خلال عمليات ملاحية آمنة وغير مقيدة في خور عبد الله والى الحد الذي يصبح معه العراق عملياً دولة برية مغلقة

4- ان صلاحيات مجلس الأمن ووظائفه بموجب الميثاق لا تمنحه الحق في فرض عملية تعيين حدود على دولة عضو وذلك لان هذه الصلاحية تخضع بموجب القانون الدولي لقاعدة الاتفاق بين الدول ذات العلاقة

ان هذه المسألة لا تتعلق من وجهة نظر قانونية دقيقة بالقضايا التي تخص صيانة السلم والامن الدوليين والتي تقع ضمن صلاحيات المجلس. وعليه فأن مجلس الأمن قد تصرف خارج اطار صلاحياته في هذه القضية، أي بعبارة أخرى خارج حدود وظائفه وصلاحياته بموجب الميثاق والحق اجحافا كبيرا بحق العراق في أرضه و مياهه. وتأسيسا على ما تقدم فان قرار مجلس الامن المرقم 833 باطل من الاساس يفتقر الى الشرعية القانونية وانه اعتمد وفرض على العراق فرضا لأسباب سياسية معروفة اي باكراه وهذا المبدا باطل في القانون

أن المسوغ الذي ساقه السيد محمد الرميحي خلف بناء ميناء مبارك الكبير غير مقنع، اذ ذكر ان أحد الاسباب هو الزيادة السكانية للكويت وتشغيل الايادي العاملة الكويتية والمعروف ان الايدي العاملة في الكويت هي عمالة اجنبية وصل عددهم حوالي 3 ملايين نسمة في حين ان عدد سكان الكويت لايتجاوز مليون نسمة يسكنون في ارض مساحتها 17818 كيلو متر مربع وان نسبة الزيادة السكانية في الكويت هي الادنى من بين الدول العربية.ان لم يكن الهدف من انشاء هذا الميناء هدف سياسي محظ فليس هناك اي اعتراض ان تبني الكويت على جزيرة بوبيان مصانع تصنيع الطائرات او تجميع السيارات او جعلها سليكون فالي وتشغيل الايدي العاملة الكويتية الماهرة فيها

أن اصرار الاخوة الكويتيين بالحاق المزيد من الاجحاف والاذى بالعراق وشعبه ليس من مصلحة الكويت ولا من مصلحة العراق والخليج العربي عموما. ندعوا العقلاء واصحاب المنطق السليم من الكويتتين اعادة النظر بما يبيتون للعراق وشعبه وعدم التمادي في نكأ الجراح ونثر الملح عليها

نعم ايها الاستاذ الكريم الشيطان يكمن في التفاصيل

wamardan@hotmail.com

ملاحظة: ارسل المقال الى جريدة الشرق الاوسط بتاريخ 30 تموز 2011 ولم تنشره الجريدة التي تدعي احترام حرية الراي والراي الاخر
رابط مقال السيد محمد الرميحي

http://www.aawsat.com/leader.asp?section=3&article=633385&issueno=11932

شبكة البصرة

الثلاثاء 9 رمضان 1432 / 9 آب 2011






Aucun commentaire: