jeudi 20 décembre 2007

كركوك ومنذر الفضــل وفتاوي المادة 140 من الدستور العراقي

كركوك ومنذر الفضــل وفتاوي المادة 140 من الدستور العراقي

- أرشـد الهرمزي

كتب الدكتور منذر الفضل في موقع الكتروني كردي مقالة كان الغرض منها إثبات أحقية الحركات السياسية الكردية في مطالباتها بتنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي بعد أن تم إغراق كركوك بمئات الآلاف من الأكراد النازحين في محاولة مفضوحة لتغيير الواقع القومي في المدينة وفي تزوير يشهد به القاصي والداني لقلب الواقع في هذه المدينة.

والكل يعرف طبعا دوافع الدكتور الفضل في طروحاته المتعددة حول القضايا الكردية مشروعة كانت أم مختلقة كما يعرف موقعه الحالي وتطلعاته وعلاقاته.

الذي يهمنا في هذا الأمر أن الدكتور الفضل قد قفز على الحقائق وتغاضى عن أمور جوهرية هامة وهو يحاول جاهدا إيجاد أرضية مناسبة لتطبيق المادة في ظل هذه الظروف الاستثنائية تحسبا وتخوفا من عودة الأمور إلى نصابها و الكشف عن المستور عندما يرجع المناخ السياسي إلى جادة الصواب.

والغريب أن الدكتور الفضل يبدأ فتاويه بالتعرض بالتركمان في تعريض مكشوف بأن بعض الأطراف السياسية المعروفة بارتباطاتها الخارجية المشبوهة مع الأجهزة الاستخبارية في تركيا تدعي بأن المادة 140 حكم انتقالي يسقط بنهاية المادة. وصحيح أن الدكتور الفضل يستطرد مستشهدا بتصريحات أدلى بها ممثل للجبهة التركمانية، غير أنه يعلم علم اليقين أن ذلك ليس مقتصرا على تلك الجهة السياسية بل ينادي بذلك باحثون وسياسيون تركمان وعرب وأكراد، ولعله يدرك أن تعميمه هذا ينصرف إلى كل من نادى بهذه الحقيقة سواء من كان منتميا إلى الائتلاف العراقي الموحد أو القائمة العراقية أو جبهة التوافق أو المستقلين والى الكثيرين من نادوا بذلك من منبر مجلس النواب العراقي ولا أخاله يتهم كل أولئك بالعمالة والارتباط المشبوه. وفي هذا السياق فإننا ننصح المنادين بهذه الاتهامات إلى التروي لئلا تفتح الملفات فيرى الشعب العراقي أين أسست بعض الأحزاب الكردية ولماذا فشل آخر عصيان برزاني بمجرد سحب إيران يدها من مساندته وارتباط ساسة معروفين بدول إقليمية أو بإسرائيل، وهناك الكثير من الكتب الأجنبية والعربية وهناك الكثيرون من الكتاب الأكراد ممن فضحوا كل ذلك كما لا نريد الجواب على سؤال من يتكأ عليهم الساسة الأكراد الآن؟

لقد أخطأ الدكتور الفضل في حجته القائلة بأن المادة 140 من الدستور العراقي يمكن أن تستمر إلى ما بعد نهاية العام رغم توقيتها الزمني شانها في ذلك شأن المادة 142 المتعلقة بتعديل الدستور التي يقول بأنها لم تنفذ في مدة الأربعة أشهر المنصوص عليها 140 ، ولعله راهن على عدم قراءة البعض لمواد الدستور بروية. والصحيح أن مدة الأربعة أشهر المذكورة في المادة 142 تتعلق بتقديم الاقتراحات من النواب وليس بتطبيقها، بينما أصبحت المدة مفتوحة للبت في الاقتراح وحل لجنة التعديل بعد إتمام المهمة، والكل يعرفون بأن هناك لجنة بهذا الشأن وأن مقترحات قد قدمت. كما أن المادة تنص في حكمها على استفتاء الشعب في التعديلات المرفوعة من قبل مجلسي النواب. وإذا كانت هناك مواد أخرى لم تطبق بالشكل الصحيح فهل يصح التمسك بذلك لخرق مبادئ دستورية كمكافأة لأطراف أحرى؟

. ولست أعتقد بأن الدكتور الفضل يجهل بأن الدستور لا يعدل بقانون أو بقرار من مجلس النواب، وإذا كان يعيب على البعض عدم التفريق بين الدستور والقانون فأنه يرتكب نفس الخطأ عندما يقترح تمديد المادة الدستورية أو تأجيلها بقرار من مجلس النواب ولعله لم يقرأ آليات تعديل الدستور الذي يتمسك به في نقاط أخرى ويغفلها في هذا المبدأ الأساسي. ولو تمعن في المادة 126 من الدستور لوجد آليات تعديل الدستور والتي تنص في الفقرة الثالثة من هذه المادة التي تعد من الأحكام الختامية على آليات التعديل لما لا يتعلق بأحكام الحقوق والحريات الأساسية ونصها:
(لا يجوز تعديل المواد الأخرى غير المنصوص عليها في البند (ثانيا) من هذه المادة إلا بعد موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب عليه، وموافقة الشعب بالاستفتاء العام، ومصادقة رئيس الجمهورية خلال سبعة أيام. )

ثم يتطرق الدكتور الفضل إلى إحصاءات عام 1957 بصورة انتقائية كما يفعلها زملاؤه الأكراد ويكرر مقولة أن نسبة الأكراد في كركوك كانت 48.3% ، ونقول له بأن لا أحد في كركوك ينكر أن جمجمال كردية وأن قرة عنجير وشوان كردية فلتضم إلى إقليم كردستان فهي ليست أراض متنازع عليها أما (مدينة كركوك) فإنها لم تكن كردية قط، وإذا كان لا يثق بأي مصدر لإحصاءات عام 1957 فإننا نحيله إلى كتاب الدكتور نوري الطالباني والذي ذكر فيها أرقام هذا الإحصاء ويتبين له منها أن نسبة الأكراد في المدينة كانت لا تبلغ 35%، هذا بعد توافد الأكراد من القرى المجاورة واستخدام البعض في شركة النفط. أما جوابه على آلاف الوثائق التي تدل على غلبة التركمان في المدينة فلا رد له إلا الاستشهاد بقاموس الإعلام والذي يذكر أن مؤلفه العلامة التركي شمس الدين سامي قد قال فيها أن كركوك مدينة كردية. ولعله لم يقرأ ما كتبناه في العديد من الكتب والمقالات ويعرفه الكل من أن شمس الدين سامي لم يكن تركيا بل ألبانيا ولد في يانية وانتقل إلى اسطنبول فيما بعد وأصدر جريدة صباح وأصدر كتابه (فطنت وطلعت) الذي اعتبر إسفافا وقدحا بقدسية الزواج في الدولة العثمانية وقصة كاوة الحداد فأبعد بسبب ذلك إلى طرابلس الغرب. كما أنه لم يكن رحالة ولم يزر بغداد أو كركوك أو أربيل بل استقى معلوماته من بعض التقارير غير الموثقة ومن مؤلف فرنسي اسمه بوليه، وإذا كان الفضل يعتبره مصدرا موثوقا فليعلم أن نفس المؤلف قد أفاد بأن مدينة بغداد هي مدينة تركية ، كما نعجب لماذا لا يتطرق أي أحد من الذين يتمسكون بذلك بما أورده من أن أربيل مدينة تركية صرفة؟. وإذا كان الأستاذ الفضل يريدنا أن نقدم له إثباتا آخر لا يرقى إليه الشك بنظره فنحيله إلى ما ذكره مصطفى البرزاني في مفاوضات الحكم الذاتي في العراق.( فقد اتهم الملا مصطفى (البرزاني) الحكومة بإسكان العرب في المناطق المتنازع عليها مثل كركوك وخانقين وسنجار وأبلغ الحكومة أنه سوف لن يقبل نتائج الإحصاء إذا أتت بنتائج تفيد بأغلبية عربية.كما رفض معطيات إحصاء عام 1965 باعتبار أنها مزورة. ولما اقترحت الحكومة الاحتكام إلى نتائج إحصاء عام 1957 بالنسبة لكركوك فقد رفض البرزاني ذلك أيضا بدعوى أن التركمان لا زالوا يشكلون الأغلبية في مدينة كركوك وإن كان الأكراد يفوقونهم في باقي أنحاء المحافظة.)وبإمكانه الإطلاع على ما أوردناه في الصفحة 329 من كتاب ديفيد ماكداول الموسوم "التاريخ الحديث للأكراد A Modern History of the Kurds. من منشورات آي. بي. تاوريس .

هل يستطيع أحد أن يدلنا على ضوء ادعائهم بالاستناد إلى الحقائق والأدلة، كيف حصل وأن أصبح الأكراد أكبر المدافعين عن استفتاء عاجل في كركوك إذا كانوا أقل من ثلث السكان في كركوك وإذا كان التركمان هم الأغلبية كما أورده البرزاني وأن الأكراد قد تعرضوا إلى التهجير والتعريب بعد ذلك ، فمن أين تأتيهم فكرة الغالبية الكردية إذا لم يتم التزوير وإقامة المستوطنات غير الشرعية والتجاوز على الأملاك العامة والخاصة في كركوك بعد التاسع من ابريل عام 2003؟

غريب أن يتقمص الضحية دور النظام السابق فيستبدل تكريدا بتعريب، ثم يتباكى على الحق المسلوب ويتكأ على حلول وقوات أجنبية في حين يدعو إلى عدم إقحام المنظمات الدولية والأمم المتحدة في الشأن العراقي.

إن الحل الوحيد لمعضلة الوضع العراقي المعقد أن يرجع الكل إلى فكرة قدسية الوطن الواحد وأن تجري انتخابات مبكرة يسن بعدها دستور عراقي حضاري يستلهم مبادئ أول دستور عراقي صدر عام 1925 بتغليب فكرة المواطنة على التعصب القومي والمذهبي. فقد أجريت إحصائية في الدستور العراقي المسمى بالدائم فوجدته يشير إلى القوميات والمذاهب والأديان في العراق خمسا وعشرين مرة، بينما ذكر هذا التصنيف مرة واحدة في دستور عام 1925 وكان خاصا باللغة العربية الرسمية مع احترام استعمال كل الطوائف والقوميات لغاتها الخاصة . فأي تقديم ينطبق عليه الوصف المتحضر الرصين؟

والى ذلك فإن المادة 140 مادة من الأحكام الانتقالية ينتهي أمدها بتطبيق كامل محتوياتها كاملة غير مجزأة أو حلول الأجل في الحادي والثلاثين من ديسمبر 2007 أيهما أقرب. وليعلم الدكتور الفضل، بل عله ينصح من يواليهم بأن موضوع المادة 140 كان فخا نصبه التعصب القومي لنفسه بفعل التعالي ورغبة التفرد بالقرار فانقلب إلى ضده، تماما مثل شرط حق نقض المحافظات الثلاث في تصويت الدستور الذي أريد له أن يكون ضمانا وورقة رابحة لنفس الفكر المتعصب فكاد أن يطيح بالدستور بمفهوم المخالفة لولا الضغط والتزوير و(فقدان) مئات الألوف من استمارات التصويت.

Aucun commentaire: